ضحايا العبودية المعاصرة بالملايين هل الدول الثرية مسؤولة عن أحد أسوأ الانتهاكات ضد البشرية؟ يشير تقدير جديد لمنظمة العمل الدولية المرتبطة بالأمم المتحدة, إلى أنه في وقتنا الحالي هناك ٥٠ مليون شخص، بمعدل واحد من كل ١٥٠ شخص، ضحية لشكل من أشكال العبودية الحديثة سواء كان ذلك العمل القسري أو الزواج القسري
ضحايا العبودية المعاصرة بالملايين
هل الدول الثرية مسؤولة عن أحد أسوأ الانتهاكات ضد البشرية؟ يشير تقدير جديد لمنظمة العمل الدولية المرتبطة بالأمم المتحدة, إلى أنه في وقتنا الحالي هناك ٥٠ مليون شخص، بمعدل واحد من كل ١٥٠ شخص، ضحية لشكل من أشكال العبودية الحديثة سواء كان ذلك العمل القسري أو الزواج القسري
إذا أتيح لك السفر عبر الزمن إلى أي مكان في الإمبراطورية الرومانية، والتي استمرت بدءاً من عام ٢٧ قبل الميلاد إلى عام ٤٧٦ بعد الميلاد، واشتملت على مناطق حول البحر الأبيض المتوسط في أوروبا وشمال إفريقيا وغرب آسيا، قد يكون العبيد أول ما تلاحظه حيث تشير التقديرات إلى أن ١٠-٢٠٪ من السكان في ذلك الوقت كانوا مُستَعبدين
قد تبدو فكرة العيش محاطاً بأشخاص مملوكين للآخرين فكرة مرعبة. لكن في الواقع يوجد عدد كبير من البشر المُستَعبَدين على هذا الكوكب في وقتنا الحالي أكثر من أي وقت آخر في التاريخ. وأكثر من نصفهم يعيشون في البلدان الأكثر ثراءً. هناك بشر مُستَعبَدين في كل مكان، لكننا لا نلاحظهم
قد يتساءل البعض عن سبب صعوبة التخلص من العبودية
لقد كانت الإجابة بسيطة بالنسبة لكثير من الناس عبر التاريخ والذين اعتقدوا بأن العبودية جزء من الحالة الإنسانية. الفيلسوف اليوناني القديم أرسطو -تلميذ أفلاطون، والذي كان معلم الاسكندر الأكبر والأب المؤسس للفلسفة السياسية، كان يعتقد أن بعض الناس خُلِقُوا ليكونوا "عبيداً بالفطرة"، فهم بحاجة لسيد يحميهم ويعلمهم الانضباط والتصرف بشكل صحيح
عندما بدأ الأوروبيون في الاستيطان في الامريكتين في القرنين السادس عشر والسابع عشر، أصبح ذلك التفكير ذريعة مفيدة لاستعباد السكان المحليين، فقاموا بالتعلل بأن السكان الأصليين كانوا عبيداً بالفطرة يحتاجون الأوروبيين المتحضرين ليعلموهم كيفية التصرف بشكل صحيح
يعتقد البعض أنه من المستحيل التخلص من العبودية حيث يتعللون بأنها كانت دائماً جزءاً لا يتجزأ من المجتمعات البشرية
لكن البعض الآخر يعتقدون بأن هذا التفكير ماهو إلا عذر جبان للسكوت عن العبودية المعاصرة والتي نشأت نتيجة الممارسات الأوروبية أثناء استعمارهم لمعظم بلدان العالم. هذه العبودية تختلف اختلافاً كبيراً عما كانت عليه العبودية في العصور والثقافات الأخرى
في الصين، على سبيل المثال، كان العبيد أقرب إلى الخدم. كانوا يعيشون في منزل سيدهم ويحصلون على مصروف شخصي، و يستعيدون حريتهم عندما يبلغون سناً معينة. كان ذلك النظام يُعرف باسم "عبودية المتاع"، حيث يُعامل العبيد مثل البضائع التي يمكن شراؤها وبيعها
لقد كانت هذه الأنظمة جائرة وقمعية وتعتدي على حرية المستعبدين وكرامتهم، لكنها لم تتضمن الاستغلال الوحشي والسخرة اللذان يميزان العبودية المعاصرة. هذا النوع من العبودية هو اختراع أوروبي
هل الدول الثرية مسؤولة عن أحد أسوأ الانتهاكات ضد البشرية؟
مذنبين
نعم! يعمل البشر المُستَعبَدون في عصرنا الحالي في الغالب على انتاج سلع للاستهلاك في الدول الثرية: أطعمة وألبسة وهواتف ذكية. كما أن أكثر من نصف البشر المُستَعبَدين في العالم يعيشون في الدول الثرية
لا! العبودية المعاصرة هي غالباً نتيجة الحروب والفقر وعدم المساواة بين الجنسين، وهي أمور أكثر انتشاراً في أفريقيا وشرق آسيا. الدول الثرية ليست أكثر سوءاً من باقي دول العالم
أو ... لقد كانت الدول الثرية دائما أسوأ الجناة. لقد اخترعوا نظام العبودية المعاصر بنهمهم الذي لا يشبع للمزيد من الموارد والمال. وهذا النهم هو ما يغذي العبودية المعاصرة ويبقيها على قيد الحياة